مغرب العشوائي

Publié le par guenniservices

كثيرا ما سمعت المثل المغربي القائل(مخزن جاير و لا قبيلة سايبة) ومعناه ان قربناه بلغة الفصحى(أمن تحت حاكم دكتاتوري خير من الفوضى) لكن المغرب اليوم يعيش حالة جديدة تطور معها المثل الدارجي ليصبح(مخزن جاير و قبيلة سايبة)
انطلق الربيع العربي الذي شكل ثورة لتغيير الانظمة من الاستبداد و الانفراد في الحكم الى حكم يعتمد على المؤسسات وبلادنا لم تشكل طبعا الاستثناء في المطلب لكن المغرب رافقت ربيعه اختلالات من الشعب أو من بعضه تجعله يتناقض و مطالب الربيع العربي حيث غيب مجموعة من المواطنين مفهوم الدولة حينما كرسوا مفهوم( السيبة) في مجموعة من التصرفات نعرض لبعضها تباعا
البناء العشوائي
مع الصراع الواضح بين المخزن و 20 فبراير بالمغرب بدات معركة الاستقطاب و عرف الطرفان ان الطرف المؤثر في المعادلة هو الفقر و الفقراء فلجأ الطرفان الى استرضاء هذه الفئة و اللعب على معاناتها فأما الدولة فتركت لهم الحبل على الغارب ليفعلوا ما يريدون دون قيد أو شرط فاكتسح البناء العشوائي كل أحياء مدن و مداشر و قرى المغرب  بناء لا يخضع لادنى شروط الصحة او البناء فهو لا يتوفر على تصاميم التهيئة و لا على رخص بناء ولا على واد حار و...ولم تتدخل الدولة لفعل شيء الا بشكل محتشم جدا وتركت المجال لمافيات العقار الجديدة لللترامي على أراضي الجموع او حتى أراضي الخواص و الملكيات العمومية فبنيت المنازل بعد ازالة حدائق و غابات وزحف الاسمنت في كل مكان
التجارة الشوارعية
تحت نفس السياق السابق تفاقم مشكل الفراشة و التهموا الشوارع و الدروب و الازقة معرقلين السير أو الخدمات العمومية و الخاصة في مشهد عشوائي  يكرس قبول المواطن لرشوة الدولة
ضياع هيبة الدولة
انتشرت اذن منذ شهور عدة بالمملكة مجموعة من الظواهر الغريبة على مفهوم الدولة و التي بدات توحي و كاننا نعيش خارج اطار حقيقي منظم تحكمه قوانين ,ففي الوقت الذي كان من المستحيل اضافة طوب واحد من الحجارة على بناية تقع في أقصى الأرض الا بترخيص من الدولة اصبحنا الآن نشاهد أحياءا اسمنتية تنتشر انتشار النار في الهشيم في ضواحي المدن و في هوامش المداشر ووسطها دون تصميم تهيئة و لا بنية تحتية لمجاري الواد الحار ولا كهرباء ولا ماء بل وأحيانا في قطع أرضية مملوكة لمؤسسات عمومية او خصوصية او مملوكة من طرف الدولة أو حتى من طرف اشخاص
انتشرت الأحياء الاسمنتية الجديدة وانتشرت معها ظواهر غريبة منها البيع بالتنازل عوض البيع أو التفويت البناء دون رخصة أو تصميم, البناء دون تهيئة مسبقة...هذه الأحياء التي تبدو أنها دون مستقبل و التي من المفترض ان تكون مرتعا لظواهر متولدة عن العشوائية منها الحرمان من الماء والكهرباء والواد الحار مما قد يخلف الأمراض و الهشاشة الاجتماعية و الاجرام...وغيرها من الظواهر المنبئة بوضع اجتماعي مزري
انضافت الظاهرة الى ظواهر سبقتها كالباعة المفترشين للطرق العمومية و المقاهي المستغلة للأرصفة و المسؤولون الذين يعتبرون فوق القانون و الذين لا يمكن معاقبتهم بل يجازون لاسكاتهم و التسيير العائلاتي للدولة....الخ من الظواهر التي لا توحي بأن هناك دولة وقانون وكاننا أصبحنا نعيش خارج مفهوم الدولة.
السؤال المطروح أين هي الدولة بمؤسساتها المختلفة من هذا؟لماذا تنهج نهج الكرسي الفارغ؟
ربما هي لعبة سياسية لنيل ثقة المواطنين في مهب الاحتجاجات التي بدات تلوح هنا وهناك و المهازل التي أفرزها الدستور انها بمثابة رشوة للمواطن للسكوت لكن الحذر كل الحذر فان هيبة الدولة اذا فقدت ضاعت واستحال استرجاعها و قديما قالوا مخزن جاير ولا قبيلة سايبة- والآن نعيش في مغرب مخزن غائب وسيبة حاكمة


اشير في الاخير ان ظاهرة العشوائية في المغرب هي ليست ظاهرة جديدة لكنها الآن تكرست في الطبقات الدنيا وقد كانت منتشرة في المؤسسات العمومية الكبرى للدولة, عشوائية في اختيار المناصب و عشوائية في التسيير العام و أخرى في البنايات العمومية وفي المناهج الدراسية و التسيير الجماعاتي و في المستشفيات العمومية و في وسائل الاعلام بمختلف انواعها و في عديد المجالات, ولعل آخر عشوائية رصدناها مؤخرا هي العشوائية في اختيار و تنصيب الحكومة الجديدة التي كرست فشل مبدئي في ما راهان عليه حزب المصباح الذي لم ينل الا حقيبة وزارية واحدة من المجالات التي راهن عليها في برنامجه الاصلاحي و تكرست نفس الوجوه القديمة و ان تم صباغتها بمظهر جديد ولعب المستشارون دورا واضحا في كبح جماح العدالة و التنمية في محاولتها الفاشلة في  تقليص عدد الوزراء و اختيار الوجوه الجديدة و الشابةو....الوضع الذي ينذر ببدايات متعثرة لحكومة الانقاذ المفروضة(نسبيا) والذي يصعب ان تنطلق معها نحو اصلاح حقيقي يكرس ما طالب به الربيع العربي المتلخص أساسا في دولة المؤسسات الفاعلة

كني ياسين---------copie-1.jpeg

Pour être informé des derniers articles, inscrivez vous :
Commenter cet article